شجون رمضانية
د. سارة بنت عبدالمحسن
زوار : 1193  -   7/2/2007
 
 

 ارتبط شهر رمضان بالقرآن الكريم ، والعبادة : قلبيها، وماليها وبدينها .. فهو شهر تسمو الروح فيه فوق أدران الماديات ، وتعلو في فضاء الإيمان ، ليزداد  ارتباطها بخالقها ، إنه مورد تغتسل فيه الروح مرة كل عام ، فتتطهر فيه مما ران عليها طيلة إحدى عشر شهراً من غبار ركضها اللاهث خلف متطلبات الحياة اليومية ، واحتياجات معاشها المادي .. وركام واقع إنساني يفرض نفسه عليها قسراً ..
 لقد كان رمضان واحة تلتقي فيها النفس بحقيقتها ، وتعاود فيها صلحها مع ذاتها، وتتقرب فيه إلى خالقها .. 
 وعندما أقول : كان .. فأنا أعني أن كل ما يحمله رمضان من أبعاد إيمانيه دينيه ، ونفسية واقعية قد تغير .. وتبدل .. ولم يبق من مضمون هذا الشهر عند كثير من المسلمين إلا اسمه ..  ورمضان كريم !! 

علماء مضللون ..
 جرح جديد تفجر في قلب هذه الأمة وغطى بدمائه جسدها .. وأغرق بضلاله جموع العامة ..
 فكر ضال مضل يروجه بعض حملة العلم الشرعي ، الذين تبنتهم بعض القنوات الفضائية فأخذوا يفسدون على الناس دينهم ، ويشوهون عقائدهم بما ينشرون من طروحات عقدية وشرعية ، لا مستند لها من كتاب ولا سنة ولا قول صحيح ، لكنها تطاولات العقل البشري على اقتحام عالم الغيب وتأويل كلام الله ، وتحريف أقوال رسوله صلى الله عليه وسلم، وتسفيه لأقوال علماء السلف ، وتقليل من شأن علماء الخلف ، حتى لا يبقى للمسلم اليوم مرجعية صادقة ثابته يستند إليها ، ويعتمد عليها.. إلا مزاعم هؤلاء الضالين المضلين نجوم القنوات الفضائية .

 

-  المخدرات .. ناتج قومي ..
 تناقضات حادة يعيشها العالم اليوم بسبب تحكم المصالح في مصير الأمم والشعوب ، والمصالح المقصودة هي مصالح القوى المسيطرة على العالم ، ومن أمثلة هذه التناقضات التي تصادم القيم والمبادئ والأخلاقيات كلها.. موقف بعثة صندوق الـنقـد الدولـي التـي زارت ( كولومبيا ) منذ فترة قريبة حيث أقرت هذه البعثة زراعة الكوكا والقنب الهندي ( نوع من المخدرات ) وعدتها محاصيل زراعية تضاف إلى الناتج المحلي الإجمالي على أساس أنها تدخل ضمن مساهمات قطاع الزراعة في الناتج المحلي وهي موارد وإن كانت غير شرعية إلا أنها تسهم في تمويل أنشطة قانونية .

وقد صرح أحد المسؤولين في صندوق النقد الدولي .. قائلاً :
 إن فكرة احتساب إدخال الأنشطة غير الشرعية ضمن الناتج القومي أمر يجب تعميمه على العالم .. مثلما تفعل هولندا مع الدعارة ؟!!
 وموقف صندوق النقد الدولي من هذه القضية يناقض تماماً القاعدة الاقتصادية المسلم بها وهي :
 إن الأنشطة المحرمة وغير الشرعية مثل : المخدرات والدعارة وغيرها لا تدخل ضمن حسابات الناتج المحلي والإجمالي للدولة .. لمعارضتها للموقف القانوني والأخلاقي العالمي المجمع على تحريم مثل هذه الأنشطة المدمرة للإنسانيه.
       ويشكل موقف صندوق النقد الدولي خطوة جادة في تأصيل شرعية المحرمات،  وتشجيع زراعة المخدرات ، وفتح الباب أمام منتجات غير شرعية وغير قانونية ما دامت تدر على الدولة أرباحاً مادية ، ترفع نسبة الدخل القومي!!!
     إنه التدمير للإنسانية ، وتغييب الشعوب بالجنس والمخدرات ، وإفساد الأرض برعاية القانون الدولي وصندوق نقده !!
 
قنوات مفسدات
 للقنوات التلفازية وعلى الأخص الفضائيات العربية قدرة غير عادية على قلب المفهومات ، وتحويل مسار الأشياء والقضايا من الجدية والبناء إلى العبث والفساد .. والقضاء على هوية الأجيال وتسطيح اهتماماتهـم واقتلاعهم من جذورهم وبتر صلتهم بربهم.. وتبرز عبقرية هذه القنوات على الأخص في شهر رمضان الكريم حيث تستعر حمى التنافس بينها على تقديم كل ما هو تافه وعابث وماجن .. من البرامج التافهة والمسابقات الغنائية الراقصة ، والمسلسلات المحطمة للقيم والمبادئ ، وكأنها تتعمد شغل الناس عن الالتفات إلى العبادة والطاعة والتوجه لله في هذه الأيام الفضيلة ، وتحويل قبلتهم من مكة المكرمة ، إلى جهاز التلفاز ، ومن التعبد لله إلى عبادة البرامج ، فنرى الحرص على متابعة ما يبث من عبث ومجون، أكثر من الحرص على أداء الشعائر التعبدية ، وشغل أوقات الناس بكل ما هو مضر مضيع ، وكأنها متخصصة بمحاربة الإسلام بطريقتها الخاصة .. ورمضان كريم !!

آخر الكلام ..  
 يقول الدكتور مانع سعيد العتيبه   :
  هل أشرح الهم أم أخفي كوامنـه
     وهل يفيد بوقت الجد إخفــاء ؟
  إن العيون ترى لون النزيف فهل
     سيزعم الجرح أن النزف حناء ؟
ويقول شاعر آخر ..
  فلو ألف بان خلفهم هادم كفى
     فكيف ببان خلفه ألف هادم ؟!

 

 

 

الإسم    
الدولة  
البريد الإلكتروني       
تقييم الموضوع  
التعليق    
رمز التفعيل


 
 
 

د.مسفر بن علي القحطاني