هيئة الأمم المتحدة واستئناس الأجيال
د. سارة بنت عبدالمحسن
زوار : 1205  -   7/2/2007
 
 

   وصلني عبر البريد الآلي E.mail الخبر التالي :
( حددت الأمم المتحدة الرابع عشر من شهر سبتمبر من هذا العام لبدء فعاليات العام الدولي لثقافة السلام .
وستقود اليونسكو حملة عالمية في هذا التاريخ لجمع أكثر من 100 مليون توقيع يتعهد أصحابها في حياتهم اليومية ، وعملهم ، وبلادهم بتشجيع التربية من أجل : السلام ، وحقوق الإنسان ، والديموقراطية ، والتسامح ، والتفاهم الدولي ؛ ويوقعون على وثيقة تقول :
احترم كل إنسان ، أنبذ العنف ، أشارك الآخرين ، أنصت لكي أفهم ، أحافظ على كوكب الأرض ، أعيد اكتشاف التضامن .) . انتهى الخبر ؛ وهو خبر يستحق التوقف عنده طويلاً.
        ولنتأمل الخبر .. كلماته جميلة ، وبراقة ، توحي بالعناية الفائقة التي توليها هيئة الأمم المتحدة من خلال منظمة اليونسكو لهذه الأرض ، ولشعوب هذه الأرض ، وعلى الأخص أجيال الشباب والناشئة . ولكن التعامل الموضوعي والواقعي مع مثل هذا الخبر يستلزم التأمل الدقيق لمفرداته ، وربطها بالنشاط العام لهيئة الأمم المتحدة من جانب ، واليونسكو من جانب آخر ، وذلك أن الأمم المتحدة ، واليونسكو تشكلان منظومة واحدة ، بمؤتمراتها ، وندواتها ، وقراراتها ، المتمثلة بأنشطتها المتنوعة ، وممارساتها العملية ونوعية القانون الذي تسعى لترسيخ معالمه على كوكب الأرض وعلى الأخص في الآونة الأخيرة .
 ولتكن بدايتنا مع المصطلح الذي اختير شعاراً للعام ، ( العام الدولي لثقافة السلام).. ما المقصود بـ ( ثقافة السلام ) ؟ ومن الذي سيضع معالم هذه الثقافة ؟ وأين سيكون مكان نشرها وتطبيقها ؟ أهو العالم الغربي الذي أصبح مركزاً للتنظير ، وتصدير الأفكار والثقافات؟  أم هو العالم الثالث بدوله النامية والتي تحولت إلى حقل للتجارب ، وموقع لتطبيق النظريات ؛ من المؤكد أن العالم الغربي قد حل معظم مشكلاته وعلى الأخص فيمـا يتعلق بـ ( السلام ، وحقوق الإنسان ، والديموقراطية ) .

ألا يبدو أن شعــار ( ثقافة السلام ) ـ شعاراً فضفاضاً ، يمكن أن يستجمع بداخله ، أبعاد العولمة ، وتوجهاتها ، والنظام العالمي الجديد وتوجهاته :السياسية ، والاقتصادية ، والثقافية،المسيرة باتجاه واحد نحو القارة الأمريكية ؟؟!
تساؤلات يحمل كل واحد منهما جرحاً يتفجر بالألم والدمار في قلب العالم الإسلامي.. عندما حولت النظم والقوانين ، وأساليب التربية والتوجيه من القرآن الكريم والسنة المطهرة إلى النموذج الأمريكي ، الذي فرض هيمنته على هيئة الأمم المتحدة وما يتفرع عنها من منظمات لتكون ناطقاً رسمياً باسمه ومطبقاً فعلياً لرغباته .

ولنقف أولاً.. مع عبارات الخبر:
ـ   التربية من أجل السلام ..
 الاهتمام بالسلام والحرص على تحقيقه قيمة عالية ، وسلوك راق .. ولكن من هو المُربي ؟ ومن المُرَبَى ؟، وما هي وسائل تلك التربية ؟ ومن أي مصدر تستقى .. ؟ وما الهدف من ورائها ؟، أهو التعايش السلمي مع اليهود ، والقبول بدولة إسرائيل بديلاً عن فلسطين ؟! أم الأمر أبعد من هذا ؟!.

ـ  حقوق الإنسان ..
 هذه الكلمة هي مفتاح السر للتدخل في شؤون الدول النامية ، والضعيفة ، وهي الوسيلة المثلى لفرض الوصاية السياسية ، والاقتصادية ، والثقافية ، والعسكرية عليها أيضاً .

ـ  الديموقراطية ..
 مصطلح متعدد الوجوه والاستعمالات ، ليتناسب مع تغيرات الزمان ، والمكان ، واحتياجات أصحاب القرار !!

ـ  التسامح ..
 على الضعيف دائماً أن يتسامح مع الأقوى ، ويرضخ لكل متطلباته ويتجاوز عن ممارسته العدوانية كلها . !


ـ  التفاهم الدولي ..
 التفاهم يقتضي وجود أطراف متكافئة تتفاهم على أسس مشتركة .. والتكافؤ غير موجود بين الشرق والغرب ، فضلاً عن وجود قاعدة مشتركة بينهما .. فالرضوخ والقبول إذاً هو قمة التفاهم .

ثانياً .. بنود الوثيقة :
ـ  احترام كل إنسان ..
 والإنسان هنا هو الإنسان الغربي المتحضر ، أما البقية فلا يدخلون ضمن نطاق هذه التسمية ، لأنهم ليس لهم حرمة ولا احترام لا على أراضيهم ولا في عالم الغرب ، وشهادة الواقع تكفي ..

ـ  أنبذ العنف..
 من الضعيف الذي لا يملك وسيلة أخرى يطالب بها بحقه ويسمع الآخرين صوته . ولكن أقبله برضى واستسلام إذا كان ممن يملك حق فرض رأيه وسطوة قوته ، لأن العنف يتحول هنا إلى واجب لحفظ النظام العالمي .. !!

ـ  أشارك الآخرين ..
 التعاون بين الشعوب مطلب ضروري لتحقيق التقدم ، والرخاء وفق أسس يتفق عليها ومصالح مشتركة فيما بينها ..
وتبقى المشاركة المطلوبة حقاً تتمثل في تحقيق مصالح جهة ما أعطت لنفسها أحقية تحديد الأسس والمصالح .

ـ  أنصت لكي أفهم ..
                  لم تعط مع أذنيك نطقاً واحداً      إلا لتسمع ضعف ما تتكلـــم 

فعلى شعوب الدول العربية والإسلامية أن تتعلم الإنصات جيداً لصوت النظام العالمي الجديد ، فالإنصات من حسن الأدب .
ـ  أحافظ على كوكب الأرض ..
 ليكون مرتعاً مناسباً لاستثمارات القوى ، وتحقيق مصالحه ، وتنفيذ رغباته ..


ـ  أعيد اكتشاف التضامن ..
    بالمفهوم الذي تحدده مصالح الغرب ، وتوجهاته السياسية ، والاقتصادية ، والفكرية.. !


آخر الكلام ..
 قال تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هوالهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من ولي ولا نصير )
                البقرة : (120) 

 

 

 

الإسم  
الدولة  
البريد الإلكتروني   
تقييم الموضوع  
التعليق  
رمز التفعيل


 
 
 

د. مسفر بن علي القحطاني